
قال رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، إن أكثر من 1800 شركة أمريكية تعمل حاليًا في السوق المصرية، بإجمالي استثمارات تجاوز 47 مليار دولار خلال العقدين الأخيرين، وتتنوع أعمالها بين الطاقة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والرعاية الصحية، ما يعكس عمق العلاقة الاقتصادية بين البلدين.
الاستثمار الأمريكي في مصر
جاء ذلك خلال كلمة رئيس مجلس الوزراء، خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى قادة السياسات بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية لعام 2025، بحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين، إلى جانب السفيرة الأمريكية بالقاهرة، وممثلين عن غرفة التجارة الأمريكية ومجلس الأعمال المصري الأمريكي.

وشهد المنتدى مشاركة رفيعة ضمت الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وأحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، والمهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، إلى جانب حضور بارز لقيادات القطاع الخاص الأمريكي.
منتدى قادة السياسات بين مصر والولايات المتحدة
وفي مستهل كلمته، أعرب مدبولي عن اعتزازه بالمشاركة في هذا المنتدى الذي يُجسد عمق الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، موجهًا الشكر لغرفة التجارة الأمريكية في البلدين على جهودها في تنظيم هذا الحدث المهم.
وخص بالشكر سوزان كلارك، الرئيسة التنفيذية للغرفة، وجون كريستمان، الرئيس التنفيذي لشركة أباتشي ورئيس مجلس الأعمال الأمريكي – المصري، لدورهما البارز في دعم التعاون الاقتصادي الثنائي.
وأكد رئيس الوزراء، أن المنتدى يمثل تجسيدًا للعلاقات الاقتصادية المتينة بين البلدين، القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مشيرًا إلى أن مصر لطالما كانت شريكًا موثوقًا للولايات المتحدة، وأن تعميق هذا التعاون بات أكثر أهمية في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة التي تمر بها المنطقة.
تمكين القطاع الخاص في قلب استراتيجية التحول
وأوضح مدبولي أن مصر تضع تمكين القطاع الخاص في صلب استراتيجيتها للتحول الاقتصادي، وهو ما يُترجم من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تحدد بوضوح المجالات التي ستتخارج منها الدولة لصالح القطاع الخاص.
كما أشار إلى التوسع في تطبيق نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPPs) في مجالات حيوية مثل النقل والطاقة المتجددة والتعليم والمياه، مؤكداً أن هذه الخطوات تعكس التزام الحكومة بتهيئة بيئة محفزة للاستثمار، لافتا، إلى إطلاق نظام “الرخصة الذهبية” لتيسير الإجراءات أمام المستثمرين، حيث تتيح الموافقة الموحدة الصادرة عن مجلس الوزراء بدء وتنفيذ المشروعات بسرعة وكفاءة، في إطار جهود تبسيط مناخ الأعمال.
إصلاحات شاملة وبنية تحتية متطورة
واستعرض رئيس الوزراء ما قامت به الدولة من إصلاحات مالية ونقدية وهيكلية واسعة النطاق، ترافقت مع رقمنة الخدمات وتحديث التشريعات، ما أسهم في تحسين الشفافية ورفع القدرة التنافسية وجذب المستثمرين، لافتا أشار إلى الإنجازات المحققة في مجال البنية التحتية، من توسعة شبكة الطرق وتحديث الموانئ والمطارات، وإنشاء مدن جديدة، وتطوير منطقة قناة السويس والعاصمة الإدارية، بما يُمهد لبناء اقتصاد متنوع ومستدام.
وأكد أن هذه الجهود تؤسس لاقتصاد مستقبلي يقوم على الإنتاج والتكنولوجيا والربط الإقليمي، ما يجعل مصر مركزًا لوجستيًا واستثماريًا محوريًا في المنطقة.
الاستثمار في الإنسان والتكنولوجيا
وشدد مدبولي، على أن العنصر البشري هو المحرك الحقيقي للتنمية، مشيرًا إلى أن الشباب المصري يشكل موردًا أساسيًا بفضل قدراته الإبداعية واهتمامه بالتحول الرقمي، ما يساهم في دفع نمو الشركات الناشئة، مؤكدا على استثمارات الدولة في التعليم، والصحة، والتدريب المهني، لضمان جاهزية القوى العاملة لمتطلبات المستقبل.
كما أشار إلى تبني مصر استراتيجية شاملة للتحول الرقمي، تقودها “استراتيجية مصر الرقمية”، التي تدمج تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة في مختلف القطاعات الاقتصادية، بما يعزز النمو ويكرّس الشمول المالي.
1800 شركة أمريكية و47 مليار دولار استثمارات
أوضح مدبولي أن أكثر من 1800 شركة أمريكية تعمل حاليًا في السوق المصرية، بإجمالي استثمارات تجاوز 47 مليار دولار خلال العقدين الأخيرين، وتتنوع أعمالها بين الطاقة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والرعاية الصحية، ما يعكس عمق العلاقة الاقتصادية بين البلدين.
ودعا رئيس الوزراء، رجال الأعمال الأمريكيين إلى استكشاف الفرص الواعدة التي توفرها السوق المصرية، مشيرًا إلى أن مصر ليست فقط سوقًا يزيد عدد سكانها عن 107 ملايين نسمة، بل تمثل كذلك بوابة استراتيجية للقارة الأفريقية والأسواق الإقليمية، من خلال شبكة اتفاقيات تجارية واسعة تتيح الوصول إلى أكثر من 1.5 مليار مستهلك.
قرارات جديدة لتحفيز الاستثمار الأمريكي
وأعلن رئيس الوزراء، عن قرارين مهمين تم اتخاذهما لدعم مجتمع الأعمال الأمريكي، أولهما إلغاء شرط الالتزام بالمواصفات القياسية المصرية للمركبات الأمريكية، بما يسمح بدخولها للسوق المصرية بسهولة، اعتبارًا من قرار صدر في 11 مايو 2025.
أما القرار الثاني، فهو الإعفاء الدائم لمنتجات الألبان الأمريكية من شرط الحصول على شهادة “الحلال” عند الاستيراد، اعتبارًا من 12 مارس 2025، في إطار اتفاقية منظمة التجارة العالمية. كما تعمل الحكومة المصرية على تنويع الجهات المخولة بإصدار الشهادات، وتخفيض رسوم الفحص والتقييم.
وأشار مدبولي إلى أن البلدين في المراحل النهائية لإبرام اتفاق تعاون متبادل بين إدارتي الجمارك، لتسهيل حركة التبادل التجاري وتعزيز الثقة بين الجانبين.
دعوة مفتوحة للتعاون
واختتم رئيس الوزراء كلمته برسالة واضحة لمجتمع الأعمال الأمريكي: “إصلاحاتنا حقيقية، وأسواقنا ديناميكية، وشعبنا مستعد، فلنبدأ معًا شراكة أعمق لبناء صناعات وتقنيات تخدم مصالح بلدينا”، ودعاهم لاستغلال جلسات المنتدى لاستكشاف الفرص المتاحة في الاقتصاد المصري.