
سجلت مصر إنجازًا غير مسبوق في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2024، بعدما احتلت المرتبة التاسعة عالميًا بإجمالي تدفقات استثمارية بلغت 47 مليار دولار، وفقًا لتقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).
يأتي هذا التقدم الاستثنائي تتويجًا لجهود الدولة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية وتشريعية شاملة، وتهيئة مناخ استثماري جاذب وتنافسي، إلى جانب إبرام عدد من الصفقات الاستراتيجية الكبرى، وفي مقدمتها مشروع تطوير منطقة “رأس الحكمة”.
يعكس هذا الأداء القوي مكانة مصر المتنامية كمركز إقليمي للاستثمار، ودورها المتصاعد في الاقتصاد العالمي.
بقيمة 47 مليار دولار.. مصر التاسعة عالميًا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2024
عقدت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، بمقر الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا ضم المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، للإعلان عن إطلاق تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”.
يستعرض التقرير أبرز اتجاهات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم خلال عام 2024، كما يسلط الضوء على مكانة مصر بين أبرز الدول الجاذبة للاستثمارات في ظل الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي نفذتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة.
كشف التقرير، أن مصر احتلت المرتبة التاسعة عالميًا بين أكثر الدول جذبًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2024، بحجم استثمارات بلغ 47 مليار دولار، مقارنة بـ 10 مليارات دولار في عام 2023، حيث كانت تحتل آنذاك المركز 32 عالميًا.
يُعزى هذا التقدم الملحوظ إلى عدد من الصفقات الكبرى التي أبرمتها الدولة خلال عام 2024، وفي مقدمتها مشروع “رأس الحكمة”.
جاءت مصر في التصنيف بعد كل من الولايات المتحدة الأمريكية التي احتلت المركز الأول، تلتها سنغافورة، وهونج كونج، والصين، ولوكسمبورج، وكندا، والبرازيل، وأستراليا.
ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا خلال عام 2024
أشار التقرير إلى ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا بنسبة 75% خلال عام 2024، ليرتفع من 55 مليار دولار في 2023 إلى 97 مليار دولار في عام 2024، وقد تصدرت مصر الدول الأكثر نموًا والأكثر جذبًا للاستثمارات في القارة بنسبة نمو بلغت 373%، تليها أثيوبيا، وكوت ديفوار، وموزامبيق، وأوغندا.
وأوضح تقرير الاستثمار العالمي 2024، أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية انخفضت بنسبة 11% في عام 2024 لتصل إلى 1.5 تريليون دولار، مقابل 1.67 تريليون دولار في عام 2023.
بينما شهدت المشروعات الجديدة التي تم تأسيسها زيادة طفيفة بنسبة 3% لتصل إلى 19356 مشروعًا، وقد شهدت الاقتصادات المتقدمة انخفاضًا بنسبة 22%، بينما استقر مستوى الاستثمار في البلدان النامية، وارتفعت التدفقات في البلدان الأقل نموًا بنسبة 9%.
تقدم في مجالات استثمارات القطاع الخاص والبنية التحتية والرقمنة
قال المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية في كلمته، إن إطلاق تقرير الاستثمار العالمي 2025 في مصر يؤكد التقدم الكبير الذي أحرزته الدولة في مجالات استثمارات القطاع الخاص والبنية التحتية والرقمنة.
أشار إلى أن رؤية الدولة المصرية تتضمن بناء اقتصاد تنافسي ومنفتح ومتكامل عالمياً، يكون فيه القطاع الخاص المحرك الرئيسي للنمو المستدام.
نوه الخطيب إلى التزام الدولة بإقامة بيئة أعمال واضحة وشفافة وقابلة للتنبؤ، وحرصها على توافق الإصلاحات الاقتصادية مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
عام 2024 نقطة تحول في مسار الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر
أشار الوزير إلى أن عام 2024 مثل نقطة تحول كبيرة في مسار الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، حيث شهد تعزيزًا ملحوظًا في ثقة المستثمرين وتوقيع شراكات استراتيجية مهمة.
لفت إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي استقبلتها مصر خلال عام 2024 سجل أعلى معدل زيادة سنوي في تاريخ البلاد، وكان لاتفاق تطوير مشروع “رأس الحكمة” دور بارز في تحقيق هذه الطفرة الاستثمارية.
وأوضح الخطيب، أن مشروع رأس الحكمة يعكس مكانة مصر كمحور استثماري إقليمي، مشيراً إلى أن المشروع ساهم في تعزيز ثقة المستثمر في الاقتصاد المصري، وتحفيز خلق فرص العمل والنمو القطاعي.
كما سيسهم المشروع أيضاً في خلق الآلاف من فرص العمل وتطوير قطاعات الإنشاءات والسياحة والبنية التحتية والخدمات، بالإضافة إلى كونه يمثل محوراً رئيسياً للاستثمارات الاستراتيجية في مجالات التطوير العقاري والسياحة الشاطئية واللوجيستيات.
اقرأ أيضاً.. وزير الاستثمار يتفقد عدد من الشركات بالمنطقة الحرة بمدينة نصر وخططها التوسعية
وأضاف، أن الاستراتيجية الاستثمارية الوطنية لمصر 2025 – 2030 تستهدف قطاعات استراتيجية لقيادة منظومة التنمية الاقتصادية في مصر تشمل الطاقة الخضراء والصناعات الرقمية والبنية التحتية والسياحية والفنادق والنقل واللوجيستيات والصناعات المتقدمة.
نوه الخطيب إلى أن الاستراتيجية ترتكز على عدة محاور رئيسية تشمل إطار استثماري تنافسي وبرامج للإصلاح القطاعي وإصلاحات بمناخ الأعمال إلى جانب استقرار السياسات.
لفت الوزير إلى أن الوزارة تولي اهتماماً كبيراً لرقمنة الخدمات المقدمة للمستثمرين حيث تم إطلاق المنصة الاستثمارية لتقديم الخدمات للمستثمرين حيث تتيح 389 خدمة وبما يسهم في تقليل البيروقراطية والتيسير على المستثمرين.
تابع: أن الحكومة تعمل على تقديم الحوافز للاستثمارات الاستراتيجية لاسيما المتعلقة بالتكنولوجيا الخضراء والنظيفة، مشيراً إلى أن قانون حوافز الهيدروجين الأخضر يتيح للمستثمرين إعفاءات ضريبية وتسهيلات جمركية وتيسيرات متعلقة بالأراضي والبنية التحتية.
وأوضح، أنه جاري الإعداد لمشاركة مصر في تقرير جاهزية الأعمال التابع للبنك الدولي والذي سيصدر خلال شهر سبتمبر 2026، حيث تم إنشاء لجنة عليا لتنسيق الجهود الوطنية في هذا الصدد.
عام 2024 شهد تحولات في أنماط الاستثمار العالمي
من جانبها أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن عام 2024 شهد تحولات في أنماط الاستثمار العالمي.
بينما كان الحضور المصري قوياً على صعيد جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما جاء في تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”.
أشارت إلى الجهود التي تقوم بها الحكومة المصرية من خلال تنفيذ أجندة إصلاحات طموحة تضع الصناعة والصادرات والاستثمارات المباشرة على رأس أولوياتها من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية.
وأوضحت المشاط، أن تلك الجهود تقوم بشكل رئيسي على تمكين القطاع الخاص من خلال الإصلاحات الهيكلية التي تُعزز النمو المستدام والمرونة في مواجهة المتغيرات، وتعمل على تحفيز خلق فرص العمل، وتعزيز الإنتاجية، وزيادة القيمة المضافة.
بدوره، أكد ريتشارد بولوين، مدير فرع أبحاث الاستثمار في “الأونكتاد”، على ضرورة التعاون الدولي لمساعدة الدول النامية على تجاوز تقلبات بيئة الاستثمار، مشيراً إلى أن نتائج هذا العام تدعو إلى تجديد الجهود لحشد الاستثمارات الخاصة لتحقيق التنمية المستدامة، لاسيما في الاقتصادات التي تواجه قيودًا هيكلية.